القدس : 21 تموز 2012

معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا 

بيروت – من حسن اللقيس –

 

 

قدرت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة عدد الذين نزحوا الى لبنان خلال الـ48 الساعة الاخيرة بـ18 الف شخص، لا يعلمون الى متى تستمر اقامتهم فيه.

التقت عددا من هؤلاء النازحين الذين توزعوا في مدن الاصطياف اللبناني مثل شتورة وعالية وبحمدون، اضافة الى عدد من فنادق العاصمة، بينما الفقراء منهم ينتظرون، في ما تبحث الحكومة اللبنانية امكانية ايوائهم في المدارس الرسمية التي قد تتسع لهم او قد لا تتسع.

العدد الكبير من نزلاء فندق "بارك اوتيل" في شتورة لا يرغبون التحدث الى الاعلاميين من لبنانيين واجانب الذين قصدوا المنطقة بالمئات، لكن "التململ ظاهر عند بعضهم، لما يجري في بلدهم، مشيرين إلى انهم "تعبوا من الوضع القائم"، لا يهمهم من سيبقى او من سياتي لحكم سوريا، المهم ان ننتهي من الوضع الذي نحن فيه". هذه هي العبارات التي يردده نزلاء هذا الفندق، ومعظمهم من الطبقة الميسورة.

هناك نوعان من النازحين، نوع دخل لبنان في الساعات الاخيرة، وقد تمكن من تامين اقامته، الا ان العدد الاخر لم يحالفه الحظ، سوى مغادرة دمشق مع كل افراد عائلته بصحة جيدة الى لبنان، ويقولون للذين يسالونهم عن احوالهم

"الله بدبر".

وتقول سيدة: "مرت علينا ثلاثة ايام صعبة من الاشتباكات. الحمد لله صار في وقف اطلاق نار، وتمكن الناس من الخروج لشراء مواد غذائية، بعد ان فتحت المحال ابوابها".

ويقول اخر: " شمت هوا، وانشاء الله ستمتد من اسبوع الى عشرة ايام"، بينما تؤكد سيدة اخرى قائلة: " كيد هناك خوف عام، العالم ما بيعرفوا شو عم بيصير، وما مبيين شو الوضع، مو اكثر من هيك".

"رصاص، قذائف، وخطف متجدد، هذا ما يقولونه عن ساعاتهم الاخيرة في دمشق قبل دخولهم عبر منطقة المصنع الى لبنان، معظمهم من حي الميدان والسيدة زينب ومن الاحياء الاخرى التي شهدت قتالا شرسا.

يقول احدهم "اسبوع او اسبوعان على ابعد تقدير، وعندما تهدىء الاوضاع سنعود الى الشام"، لكن سيدة اخرى تقول" ممكن يومين او ثلاثة او سنة"، ويرى اخر ان "الاوضاع ما فيها شيء، نحن هنا لشم الهوا، لان الطقس في لبنان حلو".

اما شهادة سيدة اخرى بلهجة شامية فتقول: "الشام محاصرة من الجيش، لا يمكن التحرك، لا نعرف كيف ومتى نتحرك. القصف شغال منذ 3 ايام، في مناطق متفرقة من العاصمة".

الجميع هنا يحاول ان يعرف ماذا يحدث في دمشق. المنظمات الدولية التي ارسلت موفدين لها تحاول ان تقدم المعلومات اللازمة او الارشادات لتسهيل اقامة النازحين في لبنان. سيارات الصليب الاحمر على الحدود تسعف الذين يحتاجون الى اسعافات اولية.

وتم تسهيل الاجراءات التي عادة ما تفرض على نقطة امن عام المصنع وموظفي الجمارك، خلال الايام الثلاثة الماضية، خاصة مرور السيارات الخاصة، من دون التدقيق في التامين او في تعهد الاقامة التي يجب ان لا تتجاوز الخمسة عشر يوما للسيارة. واشارت مصادر في الجمارك اللبنانية الى ان عدد السيارات السورية الخاصة بلغ منذ يوم الاربعاء الماضي 2500 سيارة خاصة، و2100 سيارة عمومية، و300 حافلة، و200 فان.

وانتقد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني بشدة الاهمال الرسمي باللاجئين السوريين وطالب في خطبة الجمعة التي القاها في مسجد الامين في وسط بيروت رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والوزراء "بان يفتحوا ابواب لبنان من شرقه وشماله وبقاعه وجهة جنوبه الشرقية لاخواننا السوريين الاشقاء، فهؤلاء مهاجرون الى الله لانهم يبحثون عن رحة الله سبحانه وتعالى".

واضاف: الحكومة اوقفت الاستشفاء للمهاجرين السوريين، حتى وانكان السبب ان ليس لديها مال، يجب عليها ان تسعى مع الدول العربية وغير العربية لتاتي بالمساعدات لاستشفاءهؤلاء الجرحى".

وبادرت "المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الانسان" الى المطالبة بانشاء مناطق " ممرات انسانية" تضم مخيمات من اجل استيعاب عشرا الاف النازحين المتوقع وصولهم.

وناشدت المجتمع الدولي ضرورة اصدار قرار تعلن بموجبه المناطق الحدودية اللبنانية الشمالية والشماية الشرقية، محميات دولية للاجئين السوريين، والضغط على الحكومة اللبنانية لقبول مساعدات اممية وتدويل ملف اللاجئين السوريين، بعد تلكؤ الحكومة اللبنانية في التزام المواثيق الدولية لهذه الجهة وعدم فصل مواقفها السياسية عن واجباتها الانسانية، والتزامها بالقانون الدولي لحقوق الانسان.

وقفز اشغال المؤسسات السياحية في بيروت والمناطق مع عبور اعداد غير متوقعة من السوريين في الايام الاخيرة، حيث يؤكد وزير السياحة فادي عبود "ان هناك حركة سياحية نشطة تشهدها بيروت ومناطق البقاع وكسروان ومناطق بحمدون وعالية وبرمانا ومعظم المؤسسات السياحية في جبل لبنان"، مشيرا الى ان "هذه الحركة بدات تنشط منذ اسابيع، اذ هناك زيادة في قدوم السائح السوري حوالي 150 في المئة مقارنة بـ 2011، لاسيما من سكان دمشق".

 

٢١ يوليو ٢٠١٢