هل مخيّمات اللاجئين هي الحل؟
نيسان 11, 2013
مخيّمات اللاجئين هي الحل
ملكار الخوري| ليبانون ديبايت
11 نيسان 2013
يشهد لبنان حركة نزوح لا سابقة لها، عنيت اللاجئين السوريين. ما يقارب نصف المليون لاجئ سوري من المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وعدد غير مؤكد من غير المسجلين يقدر أيضاً بنصف المليون هم اليوم في لبنان.
أما سبب إنتقال هذه الأعداد إلى لبنان (وتركيا والأردن) فهو الأعمال الحربية التي تجتاح قراهم ومدنهم، إلى القتل والخطف والتنكيل... لا طلب للسياحة والإستجمام. والسوريون بوصفهم هذا، يقعون ضمن تعريف اللاجئ بحسب المادة الأولى من إتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين:
"إنه (اللاجئ) شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو بلد إقامته المعتادة، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب العنصر، أو الدين، أو القومية، أو الانتماء إلى طائفة اجتماعية معينة، أو إلى رأي سياسي، ولا يستطيع بسبب ذلك الخوف أو لا يريد أن يستظل / تستظل بحماية ذلك البلد أو العودة إليه خشية التعرض للاضطهاد".
لكن الحكومة السابقة – حكومة تصريف الأعمال حاضراً (المشار إليها بكلمة حكومة)، رفضت الإعتراف لهم بصفتهم هذه، بل إعتبرتهم نازحين؛ والنازح هو من إنتقل من إقليم إلى آخر ضمن حدود الدولة الواحدة. المؤكد أن الحكومة لم تختر هذا الوصف صدفة او لنقص في جدارة مستشاريها القانونيين، ولكن فعلت ذلك عمداً ولعدة أسباب أقلها تجنب إستعداء النظام السوري لها.
لقد برر رافضو إقامة مخيمات للاجئين على الأراضي اللبنانية بالأسباب التالية:
- إقامة مخيمات لللاجئين يعني إعتراف لبنان بصفتهم تلك ويرتب على الدولة، غير الموقعة على إتفاقية 1951 موجبات محددة
(الجواب): إن الإعتراف بصفة اللاجئ للشخص المقصود ليست وقفاً على إرادة الدولة المضيفة، بل على مدى إنطباق التعريف المذكور أعلاه على الوقائع. وعدم إقامة لبنان لمخيمات للاجئين وعدم توقيعه على إتفاقية 1951 لا يعفيانه من عدد من الموجبات المحددة أقلها مبدأ عدم رد اللاجئين إلى حيث تكون حياتهم بخطر.
- صغر مساحة لبنان لا تسمح بإقامة مخيمات
(الجواب): ماذا عن مشاعات القرى الحدودية وبعض القرى الجبلية في الداخل؟
- إقامة مخيمات لللاجئين سيجعل منهم ضيوف دائمين كاللاجئين الفلسطينيين
(الجواب): اللاجئون السوريون هم رعايا دولة قائمة ومعترف بها من قبل المجتمع الدولي، وعند توافر شروط عودتهم يكون بإمكانهم العودة إلى دولتهم؛ وذلك بعكس حالة اللاجئين الفلسطينيين الذين لا دولة لهم، بعد، للعودة إليها
- إقامة مخيمات للاجئين يؤدي إلى ترتيب أعباء مالية على الدولة، لا قدرة لها عليها
(الجواب): في حالات الأزمات الإنسانية كالتي نشهدها اليوم، تتحول مسؤولية الإغاثة إلى مسؤولية جماعية على عاتق المجتمع الدولي. وما على المشككين سوى النظر إلى حالات دارفور، جمهورية الكونغو الديمقراطية، هايتي بعد التسونامي...
- إقامة مخيمات للاجئين السوريين سيؤدي إلى تعكير العلاقات مع النظام السوري، إن لم يكن على صعيد المصلحة العامة، فلنقل على صعيد بعض المصالح الخاصة
(الجواب): قمة في اللاأخلاق الأخلاقي والسياسي في آن ربط الحقوق الإنسانية، لاسيما في حالات ممائلة، بأي نوع من المصالح العامة أو الخاصة
حسناً، لنعد قليلاً إلى موضوع الأعداد.
تشير أرقام الأمم المتحدة إلى تسجيل 412483 سورياً يتوزعون جغرافياً كالتالي:
(141599 (في شمال لبنان؛ )73319( في بيروت؛ )137766( في البقاع و(59799) في جنوب لبنان.
طيب ماذا عن غير المسجلين؟ أين هي أماكن إقامتهم؟ هل جميعهم يقعون ضمن خانة اللجوء الإنساني؟
لا جواب.
تترافق هذه المعطيات مع عدد من الهواجس لدى اللبنانيين: أمنية، إقتصادية وإجتماعية.
لقد قام عدد من البلديات، بداعي الحفاظ على الأمن بتطبيق إجراءات أقل ما يقال فيها بأنها مخالفة للقانون، عنصرية وغير فعالة كحالة منع تجوال السوريين بعد ساعة محددة. حسناً، لا عتراض لدي على الطلب منهم التسجل في دور البلديات، أقله لمعرفة عددهم. ولكن، من يضمن أن يكون هؤلاء من غير المسجلين أصلاً لدى مفوضية اللاحئين؟ طيّب، ما هو السند القانوني الذي يعطي البلدية الحق بإتخاذ هكذا تدبير؟ ماذا لو خالف أحد اللاجئين السوريين هذا المنع، هل للبلدية سلطة توقيفه وحبسه؟ ماذا عن العمال السوريين الموجودين اصلاً ضمن نطاق البلدية، هل يشملهم هذا المنع؟ طيّب ماذا عن السوريين الميسوري الحال، سائقي سيارات ال 2013، هل يشملهم هذا المنع؟
إلى هذا المعطى، ضف تردي الحالة الإقتصادية أصلا في لبنان، وزد عليها التوافد الهائل لللاجئين. من أين لهم تحصيل لقمة العيش في دولة يعاني سكانها من البطالة أصلاً؟ ماذا يفعل رب عائلة أو أم فقدت زوجها أمام جوع ومرض أولادهم؟
كذلك ضف ردات الفعل العنصرية التي تصدر عن اللبنانيين بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص، والتي توحي بأن السرقة وإفتعال المشاكل والدعارة هي من صلب التكوين الجيني للسوريين.
حسناً، ماذا عن الأمن الصحي؟ هل تصور أحدكم نتيجة عدوى واحدة يتعرض لها لاجئ سوري، يعيش في مكان مكتظ، دون أي رعاية طبية؟ هل تسمعون الأخبار عن إنتشار عدوى الجرب والسل بين صفوف اللاجئين السوريين في بعض المناطق؟ ماذا عن المجتمعات المحلية التي تأويهم؟
هذه المعطيات كلها لا تنبئ إلا بنتيجة واحدة: إنفجار أمني وإجتماعي ناتج عن سوء إدارة ملف اللاجئين السوريين.
الحلّ؟ إقامة مخيمات لللاجئين.
لماذا؟
- أولاً لإحصاء أعداد اللاجئين، إذ من غير المعقول ولا المقبول ألا تطلع دولة على أعداد الداخلين إليها
- ثانياً لإحصاء أعداد اللاجئين، بهدف منع إختلاط الحالات الإنسانية بغيرها من الحالات...
- ثالثاُ لإحصاء أعداد اللاجئين لتحديد حاجياتهم الأساسية على وجه الدقة، لا التقدير
- رابعاً، لإقناع المجتمع الدولي بجدية لبنان بالتعاطي مع هذا الملف الإنساني، ما قد يشجع الأول على زيادة المساعدات الإنسانية
- خامساً، لتأمين القدرة على الوصول إلى جميع اللاجئين، وإيصال المساعدات والمتابعة الصحية
- سادساً، لنزع صورة المزاحم عل لقمة العيش والخل بالأمن عن اللاجئين السوريين وردع اللبنانيين عن التصريحات والتصرفات العنصرية
- سابعاً، لإحصاء أعداد العائدين والمتبقين من اللاجئين السوريين عندم تسمح الظروف بعودتهم إلى بلدهم
أمّا بعد،
يترقب اللبنانيون، وإن من دون أمل تشكيل حكومة جديدة، اقصى ما رسموه لها في عقولهم، الإشراف على إنتخابات نيابية. بالإذن من هؤلاء اللبنانيين جميعاً، هناك أولوية أهم: إقامة مخيمات لللاجئين للأسباب التي ذكرت أعلاه.
وحسبي أن كل رافض أو معرقل لتحقيق هذا الأمر يتحمل المسؤولية أي إنفجار أمني وإجتماعي ناتج عن سوء إدارة ملف اللاجئين السوريين.